” إن غلبة اللغة بغلبة أهلها وأن منزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم ” – ابن خلدون
تطرق إبن خلدون في مقولته هذه إلى أهميّة اللغة، لكن الأمر يتشعب أكثر في المملكة العربية السعودية وتُصبح المنافسة بين اللكنات أو اللهجات السعودية لا مع منافسيّ اللغة العربية.
بالتأكيد قد سقطت عيناك على أحد اللوحات الإعلانية التي تُعلق فوق أرصفة الشوارع ولاحظت بأنك قد تتمكن من قرأت ما كُتب بداخل اللوحة بسرعة أو ببطء وكأنك لا تجيد القراءة، الامر ليس لفقدانك قُدرة القراءة عزيزي، بل بسبب تَغيٌر النمط المُتبع من قبل المسؤولين على سياسة الإعلانات وكتابتها.
أحد اهم الشركات الكُبرى التي إعتمدت هذا النمط في سياسة التسويق لديها هي ” ماكدونالدز للمأكولات السريعة ” فعندما تقوم بتثبيت تطبيق المطعم على هاتفك المحمول وأنت داخل السعودية ستلحظ فوراً أن اللهجة المُتبعة في التواصل معك هي اللهجة العامية وليست الفصحى، وقد شكّل هذا النوع من الأسلوب الحديث نقلة نوعية في طريقة التواصل مع العملاء فالبعض رأى ان الامر اصبح اكثر سلاسة وسهل وأقرب للروح الشبابية، والبعض يرى ان هذا النمط الجديد قد زاد من تعقيد التواصل بسبب عدم إدراكم بشكل كافي للهجة المتبعة في التحديث وفضّلوا الابتعاد عن استخدام التطبيق.
لم يكن المجال الغذائي الوحيد الذي إتبع هذا النمط بل سترى ان بعض المجالات الحكومية أيضاً قد أتبعته، الصحية، البنكيّة، الرياضية والكثير من المجالات التي تتطلب لتواصل مستمر مع الجمهور
خُلق أسلوب حديث للترويج والتعبير عن المنتجات بأحرف مختلفة وتشكيلات نحويّة وقواعيدية مختلفة مثل ما يحدث في الحياة الطبيعية للمواطن السعودي، فالسعودية وبحسب الدكتور فالح العجمي
أن السعودية تحتوي على 60 لهجة رئيسية تترفع منها عدة لكنآت ولهجات ولكل لهجة أقوامها وقبائلها ومُتقنيها
أيضا الامر لا يعتمد على الإتقان فقط، فستجد ان نغمة الصوت قد تدُلنا على المنطقة التي ينتمي اليها هذا الشخص ولهجته، فستتمكن بالتأكيد عن سماع نغمات حديث احدهم اذا كان ينتمي الى منطقة عسير او نجد او الحجاز، أيضا هذا قد يسهل على أصحاب الشركات الذين يريدون العمل بالنمط الحديث هذا بالإستناد على المراجع اللغوية لكل منطقة، فمثلا إذا اردنا توجيه إعلان لأهل الرياض وهي عاصمة المملكة فجيب النظر الى أسلوبهم في حديثهم وإتباعه لتوجيه الإعلان بشكل مفهوم وواضح للفئة المستهدفة، والامر كذلك في حال اردنا إستهداف منطقة الحجاز التي تختلف في لهجتها اختلاف كُلي عن منطقة نجد والامر سائد لبقية المناطق، لنرى بعض المرادفات لبعض الكلمات في المنطقتين
| الحجاز | نجد |
| أدرى فيه | أبخص به |
| نُط | اطمر |
| ايش تبغى؟ | وش تبي ؟ |
والقائمة تطول والإختلافات لا تنتهي في أسطُر، ولذلك ان النمط هذا قد لا يُجدي نفعاً ان توجهت بهِ الى المنطقة الخاطئة بل قد يأتي بنتائج عكسية ويُلقي بجُهدك الى الهاوية وإن كُنت صاحب فروع متعددة في جميع المناطق ففي الغالب أن طوق نجاتك للتقليل الميزانية و الحصول على إعلان مفهوم وواضح للجميع هو اللجوء للهجة البيضاء السائدة والتي عادة تكون اللهجة المستخدمة بكثرة في وسائل الإعلام المختلفة فأتقنها الكثير من الناس وفي الغالب تكون لهجة اهل العاصمة في المدينة، اهو الهروب للهجة التي يُتقنها العرب أجمع وهي الفصحى السهلة التي تساعد الجميع على الفهم فلا تنسى ان الإعلان الذي تود توجيهه لفئة معينة قد يواجه ايضاً العقيد حتى وان كنت قد أتخذت كل الأساليب للوصول للمنطقة المطلوبة، لا تنسى انهُ لربما جزء من عملائك لا يجيدون اللهجات السعودية المختلفة مثل المقيمين والوافدين، لن تفرط في التخلي عن عميلك ولذلك وضّح له كذلك وإختر نمط لغوي يُخفف عنك عقبة التوضيح وهذا سيقودك بالتأكيد الى نمط لغوي واحد، وهو اللغة العربية الفصحى البسيطة، فهي كما قال د. طه حسين إنها اللغة الوحيدة القادرة على توحيد الأمة العربية.
